Tuesday, March 4, 2014


حراك استثنائي في صباحات عرس الكتاب

الطالبات يقبلن على الكتب الجادة والناشرون راضون عن حركة الشراء -
تحقيق ـ عاصم الشيدي -
أصيبت الكاتبة العمانية أزهار أحمد بمفاجأة مفرحة عندما جاءتها طالبة تسألها أين تجد كتب الشاعر سيف الرحبي. كانت أزهار تجلس في جناح بيت الغشام بمعرض الكتاب صباح أمس توقع على كتابها “الفيل السمين” الذي جمعت فيه نصوصا سردية كتبها أطفال عمانيون. توقعت أن تسألها الطالبة التي بدت في الخامسة عشر من عمرها عن الكتاب الذي توقعه أو عن سعره على أقل تقدير أو عن أي كتاب آخر.. لكن ليس سيف الرحبي على أية حال. تقول أزهار حقيقة فرحت كثيرا أن يكون طلابنا يبحثون عن الكتّاب العمانيين الكبار وهم في هذا العمر.. هذا دليل على أن الهوة بين الكاتب العماني وبين الجمهور قد ردمت، وقد نكون تجاوزنا الكتب السطحية التي قد لا تعطي الطالب أي معرفة أو متعة.
مضت الطالبة إلى حيث أرشدتها أزهار وهي تشق الطريق وسط آلاف الطالبات اللاتي امتلأ بهن أمس معرض مسقط الدولي للكتاب.
لكن ليس سيف الرحبي وحده كان مطلوبا أمس من الطالبات ولكن شكسبير وجبران خليل جبران أيضا. فالطالبة ميسم الزدجالية طالبة الصف التاسع في مدرسة أروى بنت عبدالمطلب كانت تحمل مجموعة كتب بينها مسرحية “هملت” لشكسبير، وهي النسخة الإنجليزية وليست الترجمة العربية للمسرحية فميسم تقرأ باللغة الإنجليزية أيضا كما أكدت. وهي تحمل كتابا أيضا بعنوان “كيف أصبحوا عظماء؟” للدكتور سعد سعود الكريباني. تقول ميسم أنها منذ فترة سمعت عن شكسبير وعندما رأت مسرحيته سارعت لاقتناء الكتاب. لكنها وزميلتها أثير البلوشية التي اشترت نفس  الكتب أيضا كنّ يسرن وحدهن بدون معلمة توجههن ماذا يقتنين من الكتب. تقول أثير: أفضل أن اختار ما أريد بنفسي. وليس بعيدا عنهن كانت تقف طالبة في نفس عمرهن تقريبا هي ريم محمود الحسني وتسأل عن مؤلفات العمانيين فهي تريد أن تعرف ماذا يكتب العمانيين كما قالت. سألتها ماذا اشترت حتى تلك اللحظة فقالت: اقتنيت حتى الآن كتاب “بوح النبضات” للدكتور أيمن أسعد عبده وهو عبارة عن يوميات. لكن هذا الكتاب ليس هدف ريم بهل هي رغم عمره الصغير تريد أن تعرف ماذا يكتب الكّتاب العمانيين كما تقول فهي تبحث عن كتبهم.
ورغم أن العارضين كانوا يشتكون كثيرا من قلة الإقبال على الشراء في الأيام التي تخصص للطلبة إلا أنهم أمس كانوا سعداء كثيرا.. صحيح أن العدد الكبير الذي شكل أكبر زحام في معرض الكتاب هذا العام لا يملك قوة شرائية تعكس عدده؛ ولكنه لم يخرج خالي الوفاض من المعرض. ولو افترضنا أن عدد الطالبات أمس وصل إلى ثمانية آلاف طالبة (يبدو انه اكثر من ذلك) وكل طالبة اشترت كتابا واحدا فقط فإن ثمانية آلاف كتاب قد بيعت أمس. وهو رقم ليس خياليا والدليل تأكيد العارضين أن حركة البيع كانت جيدة جدا. بيت الغشام جلبت أمس العديد من الكتب من المخازن واعادت ملء جناحها بعد أن نفدت العديد من الكتب.
وبالقرب من دار الشروق المصرية كانت تسير الطالبة وجدان الحوسنية من مدرسة البريك بولاية الخابورة، ووجدان طالبة في الصف العاشر لكن وعيها كان اكبر من عمرها، فهي تحمل جهاز “أيباد” وقد سجلت فيه كل الكتب التي تحتاجها وحددت سعرها من خلال فهرس المعرض الإلكتروني. سألتها عن الكتب التي اشترتها، ففتحت فأخرجت كتاب صحيح البخاري، وكتاب الكامل في الأدب للمبرد، وعرائس الموت لجبران خليل جبران، وكتاب آخر في الكيمياء. لكن وجدان لم تكن قد أنهت جولتها في المعرض وما زالت تبحث عن بعض الدور التي تصل إليها بسهولة ويسير وبنظرة سريعة تتنقل بين شاشة “الأيباد” وبين رقم دار النشر.
لكن وجدان لم تبحث عن الكتب الإلكترونية رغم أن الجهاز اللوحي كان رفيقها. لكن مريم الربيعية من ولاية السويق سألت في غير مكان عن كتب إلكترونية فلم تجد. ما جعلها تبقى مع الكتاب الورقي.
وفي أقصى المعرض كانت تسير سارة الشيبانية وريان السكيتية وهن طالبتان في الصف العاشر من مدرسة الغالية بنت ناصر بولاية عبري. سارة كانت تحمل كتابا واحدا فقط هو كتاب الهزيمة لكريم الشاذلي. أما ريان فقدت شدها كتاب عن سيرة مانديلا وأسامة بن لادن. تقول سأبدأ بقراءة الكتابين مباشرة بعد وصولي للبيت. لكن ريان أيضا مغرمة بشارلك هولمز ولذلك اقتنت روايتين من رواياته “المشكلة الأخيرة” وبذور البرتقال الخمسة”. تقول: أحب هذا النوع من الكتابات ولذلك أبحث عن هذا الكاتب دائما.
ورغم أن «$» تحدثت مع العشرات من الطالبات واستعرضت معهن الكتب اللاتي اشترينها إلا أن الصورة النمطية المعروفة عن الطالبات أو الفتيات في هذا العمر من أنهن يملن لاقتناء الكتب المتعلقة بالأبراج والتجميل لم تكن موجودة أبدا، ولم نرصد أي طالبة قد اقتنت مثل هذه الكتب. صحيح أن العدد كبير وهذه النوعية من الكتب تلاقي رواجا كبيرا إلا أن العينات التي التقينا بها كانت تقتني الكتب الجادة أكثر من كتب الدجل والسطحية وفق المفهوم العام والمتعارف عليه.
بنظرة علوية للمعرض من أعلى يمكنك أن نرى كل المساحات مشغولة في المعرض بدءا من العاشرة والنصف وحتى الواحدة ظهرا.. ومن النادر ان ترى طالبة لا تحمل في يدها كيسا فيه كتاب واحد على الأقل.. وبين هذا الكم الكبير من الطالبات كانت هناك أعداد قليلة من المعلمات المرافقات وهن يحملن أكياسا متخمة بالكتب.. ولكن تلك الكتب ربما أعاقت دور المعلمة في توجيه الطالبات وإرشادهن إلى الكتب الجديرة بالقراءة أكثر من غيرها.. وكانت معلمة ترد على هذه النقطة بانزعاج كبير وهي تخرج من المعرض: لا يوجد كتاب غير جدير بالقراءة وكل طالبة تعرف ما تريد.

No comments:

Post a Comment