Tuesday, May 20, 2014

مساعد المفتي: من الخطأ الظن أن الشريعة مجرد أحكام تتصل بالفرائض مجردة عن وجوه الحسن والجمال

تكريم المجيدين بمعهد العلوم الشرعية -
كتب- سيف بن سالم الفضيلي -
كرم معهد العلوم الشرعية المجيدين من طلابه في الانشطة الثقافية للعام الدراسي 2013/2014 برعاية فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة الذي حذر في كلمة على هامش الحفل من الظن ان الشريعة الاسلامية هي مجرد احكام تتصل بالفرائض بالحلال والحرام مجردة عن وجوه الحسن والجمال فيها.
وقال فضيلته ان كل فن من فنون هذه الشريعة وكل مجال من مجالات دراساتها ينطوي على الكثير من الوجوه التي لا بد ان نقف عندها وان نكشفها وهذا يتطلب الكثير من الملكات والدربة واعمال الفكر لكنه ممكن حينما نتعاون حينما نقصده ونبذل في سبيل الوصول اليه ما يستدعيه من جهد وطاقة وملكات اداء لهذا الواجب وشكر الله تعالى على ما انعم به عليها.
منبها فضيلته، انه لا يصح ان نقف دون ان نؤدي هذه الامانة وان نوصلها الى الناس،  من شأن الشريعة الا يستأثر بها بل ان تبذل للناس وان تقرب لهم وان يعرفوا بها اما الاستئثار بها فإنه يحول بين ايصالها للناس ويؤدي الى جمودها وفقدانها لروح حيويتها وبجوهر ما يعلق الناس بها وما يحقق لهم فيها بغيتهم منها ويلبي لهم مقاصدهم ومطالبهم فيها لانهم ان لم يجدوا هذه الوجوه وان لم يجدوا ما يجذبهم اليها لن يقفوا عندها لا سيما في واقعنا المعاصر وانما سيتجهون بحثا عما ينشدونه في غير هذه الشريعة.
مضيفا، وهذا لا يقف عند ما نعرفه اليوم من الاستخدام الغالب للشريعة بمعنى الاحكام الشرعية التفصيلية وانما حتى فيما يتصل بالعقائد والاخلاق لان هذه هي الوجوه الابرز والمظاهر الاجمل في هذا الدين الحنيف ولهذا فإنه لا بد ان تتضافر الجهود وان نعمل على اكتشاف هذه الوجوه وهذا يستدعي عدم الوقوف عند قشور العلم وعند ظواهر المعارف الشرعية وانما يجب ان نتجاوزها الى ان نغوص في اعماقها واعرف ان هذا يستدعي جهودا كبيرة لكنني اخاطب نخبة من طلبة العلم الراغبين في انتشال انفسهم من ربقة الجهل وفي اداء ما امرهم الله سبحانه وتعالى به من ايصال هذا العلم للناس كافة ومن اداء واجب الدعوة الى الله تبارك وتعالى.
وتحدث فضيلته عن أهمية العلم وقصد به العلم الغزير العميق الواعي الذي تحتاج اليه مجتمعاتنا اليوم فقد سئم الناس من قشور العلم ورجعت قشوره على المجتمع وعلى القضايا التي تطرأ في واقع حياة الناس بالشرور والوبال للأسف الشديد.
فالبحار والمحيطات لو كان عمقها مترين او ثلاثة لبدت من بعيد بمثل ما تبدو عليه البحار والمحيطات العميقة لكنها بسبب ضحالتها لا تجد فيها الجواهر والاصداف واللآلئ ولا تجد فيها الحياة التي تزخر بها المحيطات والبحار العميقة، وهذا يصدق على العلم؛ قد يتعلم الواحد ويكتفي بقشور العلم وبظواهره لأنه يريد ان يقف عند هذا الحد فيظن الناس انه عالم ثم للأسف الشديد يصدق هو انه عالم واذا به يجني على العلم والمجتمع والناس جنايات بالغة خطيرة لان علمه لم يتجاوز القشور لم يخرج عن الظواهر ولهذا كلمتي لكم وانا على ثقة ان اساتذتكم والقائمين على المعهد والمشرفين يؤكدون لكم دوما هذه الحقيقة ولكن من باب ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
ومبينا ان واقعنا يفرض علينا ان نتعمق في العلوم الشرعية وان نزداد منها وهنا نفهم معنى قول الله تعالى (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) حينما خاطبه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
واذكركم بأن للشريعة جمالا لا بد ان تتعرفوا عليه ثم تعرفوا الناس به لان شريعة الله تعالى تنضوي على وجوه هي في غاية الجمال والروعة والابداع لكنها للأسف الشديد نعزف عن التعرف عليها ولهذا فإنه لا يمكن ان نعرف بها الناس.
مؤكدا ان التعرف على اوجه الجمال والحسن في ديننا وفي شريعتنا لا يستطيعه الا النجباء الذين يبذلون مهجهم واوقاتهم وجهودهم في سبيل التعرف على هذه اللآلئ في سبيل كشف هذه الجواهر، فكل فنون الشريعة وما يتصل بعلوم الشريعة فيها الكثير من الحسن والجمال الذي ينبغي لنا ان نطلع عليه وينبغي لنا ان نكشفه لأنفسنا لنزداد قربا وحبا لله تبارك وتعالى ولنزداد يقينا بهذه الشريعة التي ننتسب اليها لنتمكن بعد ذلك من كشف هذه الوجوه والمحاسن للناس العطشى المتطلعين الى وجوه الجمال والحسن في هذه الشريعة.
ثم اشار الى ان ميدان الفكر وما يتصل بمشتقات هذه الكلمة من التفكر واعمال الملكات الفكرية بالتدبر والتعقل كلها تتصل بقيمة قرآنية هي ليست قيمة انسانية مبتدعة حديثا وانما هي اثر من آثار نعمة الله عز و جل على هذا الانسان حينما اكرمه بالعقل وميزه بنفخة الروح فيه.
لكن كثيرا من الناس يظنون ان الفكر واعماله والتميز في المجالات الفكرية انما هو امر نظري لا علاقة له بالواقع ويكفي الانسان ان يبدع نظريات فكرية لكي يظن انه من اولي الالباب ومن اهل العقول فإذا به يصوغ افكارا يقدمها للناس لكنها للأسف الشديد حينما لا تكون منبثقة من الأصول القرآنية لهذه القيمة فإنها تكون خواء تكون لا علاقة بها بالحق والصواب والصلاح والخير والهدى والدليل على ذلك موجود مبثوث بكثرة في كتاب الله عز و جل (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى) ثم ذكرت آيات فيها صفات هؤلاء الذين يتذكرون والذين هم من اولي الالباب فالله تعالى يقول (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ، الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ، وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ، وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) وحتى حينما ذكر الصنف الذاكر له جل وعلا قرن هذا الذكر بالتفكر (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) ثم ذكر النتيجة (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) هذا النوع من الفكر والتفكر هو الذي نحتاج اليه لسنا في حاجة الى شعارات خاوية لسنا في حاجة الى نظريات تلقى وغالبا ما تكون بعيدة عن الصواب وعن الحق والرشاد والصواب نحن بحاجة الى صنف تجتمع فيه الخصال المتقدمة حتى من اولي الالباب فيتصف بالصفات القرآنية المذكورة في هذا السياق او في غيره من السياقات القرآنية التي غالبا ما تأتي لتبين صفات عملية لهؤلاء الموسومين بالفكر والعقل والتدبر والنظر ولهذا فلا نبتدع هذه المعاني من عندنا وانما نأخذها من كتاب الله عز و جل ولا يصح لنا ان نقف دون امتثالها في واقع حياتنا لا سيما اذا كنا ننتسب الى العلم الشرعي او يفترض اننا من حملة علوم الشريعة.
كلمة النشاط الثقافي
وألقى فيصل بن علي السعيدي كلمة النشاط الثقافي حيث اكد إن الحفل يأتي تتويجا لمسيرة عام دراسي حافل بالأنشطة الطلابية.. عام دراسي عمل فيه طلبة معهدنا المبارك بإخلاص وتفان في شتى الأنشطة والبرامج العلمية والتربوية والثقافية والاجتماعية، وضربوا أروع الأمثلة في التعاون والتضحية والعطاء، مشمرين عن ساعد الجد في سبيل تحقيق الأهداف السامية التي جاء النشاط الطلابي يدعو إليها.
ويضيف، من منطلق إيمان معهد العلوم الشرعية بالدور المهم الذي يقوم به النشاط الطلابي، والمتمثل في تعميق المبادئ الإسلامية والهُويِّة الوطنية في نفوس الطلاب، واكتشاف المواهب والمهارات وصقلها وتوجيهها التوجيه السليم، وتعزيز العائد الثقافي والاجتماعي والنفسي لدى الطلاب، وتعويدهم على حسن استغلال أوقاتهم، فقد أولى المعهد هذا الجانب عناية فائقة، وخصه باهتمام بالغ، وذلك من خلال التشجيع المستمر والتعزيز المتواصل والتخطيط المحكم والمتابعة الدقيقة.. كل ذلك من أجل الارتقاء بمستوى الطلاب، وإعدادا لهم حتى يخوضوا غمار هذه الحياة وقد خبروا التعامل معها بما لديهم من رصيد فكري وعملي تزودوا به من خلال مشاركاتهم الفاعلة في جماعات النشاط الطلابي.
ثم اشار الى انجازات النشاط الطلابي التي من أبرزها إعادةَ هيكلة المجلس الطلابي بوضعية جديدة واختصاصات تتلاءم مع وضعية القسم الداخلي الحالي وواقع الطلاب، كما تم التوافق على وضع شروط للطالب المرشح، وعلى ضوء ذلك تم انتخاب أعضاء المجلس الطلابي وقد كان لهذا التطوير أثر واضح في تفعيل الجانب الخدمي والثقافي والاجتماعي لدى الطلبة ومن الانجازات افتتاحَ مكتبة بالقسم الداخلي تحتوي على أمهات الكتب، ومشروع «اقرأ وارتق» الذي ابتدأ العمل بأولى مراحله منذ السنة الماضية وتمكن من خلاله خمسة من الطلبة من نيل الإجازة القرآنية في الفترة الصيفية الماضية.
كذلك جماعة الحلقات العلمية «النحو، والعقيدة، والفقه» حيث تناولت مراجع رئيسيه ومتون علمية انضم إليها أكثر من (60) طالبا.
مضيفا، وقد توجت هذه الفعاليات بإقامة الموسم الثقافي الثامن الذي كان تحت شعار «كلمة طيبة» وهدف إلى تذكير الطلبة بالدور الفاعل والمنتظر منهم للقيام بمهمة الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة في المجتمع، وتأطير هذه المهمة الجليلة بالأطر الشرعية السليمة المستندة على المصادر الأصيلة مع مراعاة هوية المجتمع وخصوصياته وعدم الانسياق وراء العواطف غير المتزنة أو الأفكار الدخيلة.

No comments:

Post a Comment